موقع المستقلين الاحوازيين
الأحوازيين بين التهجير القسري والاستثمار الصيني


علي الهاشمي 


لا يقتصر القمع في الأحواز  المحتلة على مصادرة الهوية الثقافية للشعب العربي الأحوازي فحسب، بل يتجسد في سياسات شاملة تستهدف كل جوانب الحياة، من التعليم والعمل إلى الزراعة والبيئة، هذه السياسات الممنهجة تحمل سمات واضحة للتهجير القسري، إذ تهدف إلى دفع السكان الأصليين بعيدًا عن أرضهم تمهيدًا لتغيير تركيبتهم السكانية.
فعلى الرغم من أن إقليم الأحواز  الغني ينتج أكثر من 80% من نفط وغاز إيران، يُقصى شبابه من العمل في الشركات النفطية والقطاعات الحيوية مثل الاتصالات، البرمجيات، والهندسة. هذا الإقصاء يحرم آلاف الخريجين من فرص عادلة، ويدفعهم إلى البطالة أو المهن المتدنية أو الهجرة القسرية خارج البلاد.
وتكتمل صورة التهميش من خلال التضييق على القطاع الزراعي. فالمزارعون يُمنعون من زراعة القمح والأرز والحبوب الأساسية، بينما تُجفف الأنهار والأهوار عمدًا، ما يؤدي إلى انهيار البيئة الطبيعية ودمار الثروة الحيوانية والمائية التي شكّلت أساس الحياة الاقتصادية والاجتماعية للأحوازيين لعقود.
وفي تطور خطير، طالت الاستهدافات رمز الهوية الأحوازية مثل النخيل. فقد سُجلت حرائق متعمدة في بساتين المحمرة وعبادان على ضفاف شط العرب مؤخراً، أتت على آلاف النخيل في خطوة يُنظر إليها كتمهيد لتسليم الأراضي إلى مستثمرين ضمن اتفاقات استراتيجية بين طهران وبكين. إلى جانب الانبعاثات السامة من المصانع الكيماوية وقطع الكهرباء المتكرر، تسهم في خلق بيئة ملوثة وطاردة، تدفع السكان العرب إلى الرحيل قسرًا عن مناطقهم.
إن ما يحدث في الأحواز ليس مجرد سلسلة من الانتهاكات المعزولة، بل هو مخطط ممنهج للهندسة الديموغرافية، كما كشفت عنه وثيقة أبطحي في ٢٠٠٥ التي نصت صراحة على تغيير التركيبة السكانية في الأحواز و ضواحيها . التضييق الوظيفي، التضييق على المزارعين، تدمير البيئة، وحرق النخيل، كلها أدوات تصب في هدف واحد، إضعاف وجود العرب الأحوازيين ودفعهم إلى الهجرة.
ورغم هذه السياسات القاسية، يظل الأحوازيون متمسكين بأرضهم وهويتهم، ويواصل الشباب والمزارعون مقاومة محاولات الاقتلاع. لكن مسؤولية كشف هذه الانتهاكات لم تعد تقع على عاتق الأحوازيين وحدهم؛ فالمجتمع الدولي أمام استحقاق سياسي وأخلاقي عاجل لمساءلة طهران عن سياسات التهجير القسري، ولمنع تحويل الاستثمار المشبوه إلى أداة لإفراغ الأحواز من سكانه الأصليين.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.